Islamic Calendar

تدريب الناشئين -- أمانة ومسؤولية -3-


ومن المعروف أن تدريب الناشئين وهم الصغار الذين تراوح أعمارهم بين 6 و16 سنة يحتاج إلى تهيئتهم وإعدادهم للتقدم بمستواهم وفقاً لخصائص المرحلة السنية التي ينتمون إليها، وتنمية وتطوير قدراتهم البدنية والبيولوجية والنفسية. وتعد مرحلة تدريب الناشئين، مرحلة قائمة بذاتها يتداخل فيها تدريب المبتدئين مع المتقدمين، ولذلك لا بد أن يتم الإعداد التربوي للناشئين بهدف تعليمهم وإكسابهم مختلف القدرات والسمات والخصائص والمهارات النفسية وتنميتها وإتقانها، وكذلك توجيههم وإرشادهم ورعايتهم بصورة تسهم في إظهار كل طاقاتهم وقدراتهم واستعداداتهم في المنافسات، إضافة إلى مساعدتهم في تشكيل وتنمية شخصياتهم بصورة متزنة وشاملة كي يكتسبوا الصحة النفسية والبدنية.
وإذا أردنا أن نتحدث عن مدربين لهم مواصفات خاصة يستطيعون بها تحقيق النجاح، هنالك خصائص يجب أن يختص بها المدرب الناجح وهي مواصفات ثقافية، إنسانية ونفسية كثيرة تعكس حساسية دوره في أداء رسالته، نبرز أهم هذه الخصائص:
1 ـــ الموهبة الطبيعية: ليس كل رياضي مميز، أو حتى نجم برز كلاعب في يوم من الأيام باستطاعته أن يكون مدرباً ناجحاً، فالتدريب يولد بالفطرة، وهو موهبة ثم علم وخبرة ودراسة متواصلة متواكبة مع كل المستجدات في هذا المجال، أن ننجح كمدربين، هو تحد كبير، لأننا نتعامل مع الإنسان بكل تناقضاته وانفعالاته، لأننا نواجه تحديات المشاعر الإنسانية (الأمل، اليأس، الخوف، الفرح، الثقة الزائدة بالنفس أو عدمها ،،، إلخ).
2 ـــ رغبة التعليم: رغبة العطاء بلا حدود، وبذل كل ما أوتي من معرفة وخبرة في الرياضة، والإدارة الرياضية وحتى أمور الحياة العامة.
3 ـــ رغبة التعلم: التعلم ليس فقط من الخبراء، بل أحياناً كثيرة من المتدربين أنفسهم، وإمكاناتهم وتفاعلهم مع التدريب والابتكار والبحث عن طرق جديدة لكسر روتين التدريب، حيث يتحول إلى هاجس قائم وتحد مستمر.
4 ـــ المعرفة الرياضية العميقة: الإلمام العميق بأبعاد الرياضة من حيث تاريخها (الدولي والمحلي) تركيبتها التنظيمية والقوانين والأنظمة واللوائح،، إلخ.
5 ـــ الثقافة الرياضية: وهي القدرة على إعطاء الأجوبة الدقيقة لجميع أنواع الأسئلة في الرياضة (الإصابات، الغذاء، المنشطات وأخطارها، الرياضات الأخرى المساعدة، نظريات التدريب،، إلخ).
6 ـــ الانفتاح: الانفتاح على كل جديد، وتقبل التطور مهما بلغ مستوى المدرب ونجاحه، بعيداً عن الانغلاق.
7 ـــ الخبرة الشخصية: فلا يمكن للمدرب النجاح في أداء رسالته ما لم يكن له خبرة شخصية كلاعب كرة قدم تجعله يلم إلماماً عميقاً بكل المراحل التي يمر بها المتدرب، بكل انفعالاته، مشاعره وهواجسه، بحيث يستطيع أن يرسم له سلفاً بعض معطيات وأجواء الملعب، واللحظات التي يمر بها.
8 ـــ الحساسية نحو الحاجات الفردية: لاكتشاف الصفات الجيدة في كل متدرب وتطويرها، فالمدرب الناجح هو من لديه خطة عامة لعمله، بجانب خطط فرعية لكل متدرب وفقاً لمزاياه وإمكاناته الطبيعية، وأحياناً كثيرة يستطيع المدرب استناداً لخبرته وحدسه فهم قدرات المتدربين أكثر من فهمهم لأنفسهم.
9 ـــ موهبة حل المشكلات: حل جميع أنواع المشكلات التي تعترض خطة الإعداد التي يتبعها، ومن أبرز المشكلات هي:
* المشكلات الجسدية: كمشكلات البنية الجسدية، الليونة، قدرة التحمل،، إلخ.
* المشكلات النفسية: مواجهة الضغوط الخارجية، عدم التركيز، أثار المتاعب الفردية، الثقة الضعيفة بالنفس أو المفرطة ،، إلخ.
* المشكلات التقنية: استيعاب الخطط ـــ تطبيق أنظمة اللعب .. الخلط بين المهام الفردية ونظم اللعب العامة،، إلخ. في تدريب الناشئين يجب إيصال الرسالة إليهم بأسلوب مفهوم وواضح وصريح.
10 ـــ كسب الاحترام والثقة: غالباً ما يقدم الرياضيون أقصى ما لديهم تعبيراً عن احترامهم وتقديرهم لعمل مدربهم أو مدربيهم، وهذا غالباً ما يكون أحد أبرز الدوافع للفوز فإذا آمن المتدرب بمدربه، وقدرته على تطويره نحو الأفضل، يكون قد تم البناء على أساس صلب ومتين.
11 ـــ الانضباط: انطلاقاً من ذاته، ثم المتدربين وفرض السيطرة على مجريات التدريب.
العدل: أن يكون عادلاً في استعمال سلطته وعادلاً في خياراته.
12 ـــ يتقن العمل تحت الضغط: يتقن العمل تحت الضغوط سواء كانت شخصية، داخل الفريق أو خارجه، ومهما اشتدت الضغوط يجب ألا تحول بتاتاً بينه وبين قناعته وإيمانه اللذين هما أيضاً ممارسة وليسا مثلاً فقط ويحسن اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات الحرجة.
13 ـــ أن يكون متفهما: تفهمه للتدريب يجب أن يكون نابعاً من العمق الإنساني، والتجربة الغنية. فهو يرعى المتدرب كقيمة إنسانية وليس أداة للفوز، أو جسراً لتحقيق أهداف ما، وهذه الرعاية تأخذ غالباً المنحى الأبوي؛ وتستمر خارج دوام التدريب، والوقت المحدد والرسمي. وتفهم المتدرب يقف خلف أدائه ورفع معنوياته في حال الخسارة، مع دراسة الأسباب الموجبة.
14 ـــ أن يكون قادرا على تقديم النصيحة للمتدربين.
15 ـــ أن يقوم بتحضيرهم معنوياً وجسمانياً للمشاركة في البطولات.
16 ـــ يجب عليه التقليل من إصابات لاعبيه قدر الإمكان أثناء التدريب ويعلم بأسس التغذية الصحيحة حتى يكون حمل التدريب موازيا لما يتعاطاه المتدرب من غذاء.
17 ـــ أن يكون ملماً بطرق الإسعافات الأولية للإصابات الشائعة وكيفية علاجها والوقاية منها.
18 ـــ أن يعلم تلاميذه النواحي الأخلاقية قبل الفنية وكيفية الالتزام بالقوانين والأنظمة والاحترام والمعنى الصحيح للروح والأخلاق الرياضية.
19 ـــ أن يكون تدريبه ضمن منهاج علمي وليس عشوائياً وباستطاعته تطبيق الأساسيات والمهارات الفنية بطريقة صحيحة.
20 ـــ عليه أن يعرف كيف يبتدئ بتدريب لاعبيه والانتقال بهم من مرحلة إلى أخرى، وما احتياجاتهم من التدريبات ومراقبتهم أثناء التدريبات ومعرفة نقاط ضعفهم وتقويتها بالتدريبات التي يحتاجون إليها لتطوير قدراتهم الفنية.
21 ـــ أن يكون ملماً بقوانين تحكيم كرة القدم ليطلع المتدربين عليها لتجنب الأخطاء التي قد تحدث أثناء المباريات، والتي قد تؤدي إلى خسارتهم المباراة.
22 ـــ يجب عليه عدم الصراخ أثناء المباريات والتوجيه بصوت عال، وإنما يعطي تعليماته بهدوء ويركز في التوجيه أثناء فترات ما بين الشوطين.
23 ـــ يجب عليه عدم الاعتراض العشوائي الذي قد يعطي عنه الانطباع السيئ كمدرب.
24 ـــ أن يكون على اطلاع دائم على أحدث المستجدات في عالم التدريب التي تساعده فعلى تطوير إمكاناته التدريبية وزيادة خبرته في هذا المجال.
هذه بعض من خصائص ومواصفات المدرب الناجح، ويبقى على المدرب أن يطور نفسه حسب خبرته التي اكتسبها من خلال ممارسته وفلسفته واستراتجيته الخاصة به، وتترك له حرية الإبداع والابتكار لتطوير نفسه ولاعبيه معا.
وكمعلومة عامة فإن هنالك عوامل كثيرة تؤثر في عمليات تدريب الناشئين بحكم عامل السن ونذكر بعض الخصائص الأخرى ومنها:
• مراعاة الخصائص السنية للناشئ، إذ تتأثر طرق رفع المستوى الرياضي للفرد بدرجة كبيرة بالتطور البيولوجي له وبمقدرته على التكيف والملاءمة لمتطلبات المستويات العليا.
• بناء مرحلة إعداد الناشئين طبقاً لمتطلبات للمستويات الفنية مراعياً في ذلك النمو الطبيعي، التطور التدريجي لإمكانات الناشئ.
• ويختلف طول فترة تدريب الناشئين باختلاف تلك الخصائص الفردية للمتدرب ومميزات ممارسته لكرة القدم.
من كل ما ذكرناه يتضح لنا أهمية مدرب الناشئين والمواصفات التي يجب أن يتصف بها فتصبح عملية تدريب الناشئين: فنا .. وأمانة .. ومسؤولية تقع على عاتق كل من يعمل في هذا القطاع.


بداية الموضوع: تدريب الناشئين - أمانة ومسؤولية -1- 




د. محمد الخير الشيخ

ليست هناك تعليقات: